إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه
الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية
131067 مشاهدة
حكم أخذ الأجرة على الرقية للاستغناء عما في أيدي الناس

سؤال: إنني أقوم بالوعظ والإرشاد، وأقوم بالإمامة جمعة جماعة في أحد الجوامع، وأسست مكتبة فيها كمية من الكتب القيمة من كتب السنة، وأدرّس بنفس المسجد في الحديث والفقه والتوحيد والتفسير، وأعالج المرضى بالرقية الشرعية الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأحاديث الصحيحة، كرقيته لأهله وأصحابه، وكرقية جبريل -عليه السلام- ولا أخرج عن الأحاديث، وأنت تعلم أن الرقية ثابتة في كتب السنة، وأكثر ما أرقي به ما ورد في كتب شيخ الإسلام، كإيضاح الدلالة في عموم الرسالة وغيرها من كتبه المعروفة، وكتب ابن القيم منها زاد المعاد.
ولا يخفاك أنني آخذ أجرة على ذلك، مستدلا بما ورد في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري الدال على جواز الرقية وأخذ الأجرة عليها والحديث معروف لدى سماحتكم، والذي يحملني على أخذ الأجرة هو الاستغناء عما في أيدي الناس، وحيث إنني مكفوف البصر ولي ظروف عائلية، ولم يحالفني الحظ بوظيفة، ولعلمي أن ذلك جائز وحلال، وقد اعترض علي بعض الجهال بدون دليل.
لذا أرجو من الله، ثم من سماحتكم، إصدار فتوى من قبل سماحتكم لبيان ما ينبغي أن يبين؛ لأكون على بصيرة وإقناعًا لمن يعترض جهلا منه، وإن كنت ترى أنني على باطل في عملي هذا، فأرجو الإفتاء بما يقنعني، وأنا لا أخالف لكم رأيًا?
الجواب: إذا كان الواقع منك كما ذكرت، من أنك تعالج المرضى بالرقية الشرعية، وأنك لم ترق أحدًا إلا بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأنك تتحرى الرجوع في ذلك إلى ما ذكره العلامة ابن تيمية -رحمه الله- في كتبه المعروفة،وما كتبه العلامة ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في زاد المعاد، وأمثالهما من كتب أهل السنة والجماعة؛ فعملك جائز، وسعيك مشكور ومأجور عليه إن شاء الله، ولا بأس بأخذك أجرًا عليه؛ لحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- الذي أشرت إليه في سؤالك.
ونسأل الله أن يثيبك على ما ذكرت، من أنك قمت بوعظ الناس وإرشادهم والتدريس لهم والصلاة بهم في المسجد، وعلى إنشائك مكتبة فيها كتب قيمة، من تأليف أهل السنة والجماعة، وأن يجزيك عن إخوانك خير الجزاء، ونرجو الله أن يزيدك توفيقًا إلى الخير وعمل المعروف، وأن يغنيك من فضله عما في أيدي الناس، إنه -سبحانه- قريب مجيب الدعاء، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .